الضوء:



    برهنت فيزياء الكم أن الكون مفتوح على جميع الاحتمالات، وأن إدراكنا له هو الذي يحدد الاحتمال الذي سيحصل في الواقع، وطريقة إدراكنا لتلك الاحتمالات تفرض ظهور الاحتمال الذي سيحصل بالصورة التي ترسمها أذهاننا.
    وهكذا فإن الواقع لا يعتبر واقعا إلا ضمن حيز إدراكنا ووعينا، وإن هذا الواقع يتغير بتغير طريقة إدراكنا له، مما يعني أن الإنسان مخير بإرادته وإدراكه، وبذلك فلا توجد حقيقة ثابتة في الكون، لأن الحقيقة ستتغير بمجرد تغير طريقة إدراكنا لها.

    أثبت (آينشتاين) في النظرية النسبية أنه لا يمكن لأي جسم في الكون أن يسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولا حتى أن يبلغ سرعة الضوء نفسها، لأن سرعة الجسم تتناسب طردا مع كتلته، وحتى يسير الجسم بسرعة الضوء يجب أن تكون له كتلة لا نهائية، ويحتاج لينجز تلك الحركة إلى طاقة لا نهائية، وهذا منطقيا، مستحيل.

    وقال (آينشتاين) في نظريته النسبية، إن الأجسام لا يمكن أن تتحرك على محور المكان، بشكل منفصل عن حركتها على محور الزمن، ولا بد لأي جسم يتحرك، من أن يتحرك في كلا البعدين معا، في البعد المكاني، والبعد الزماني.

    وهكذا، فإذا تحرك الجسم في البعد المكاني بسرعة تساوي سرعة الضوء، فإن الزمن سوف يتوقف، (زمن الحركة سيساوي الصفر)، وإذا تجاوزت سرعة الجسم قيمة سرعة الضوء، فإن زمن الحركة سيصبح سالبا، أي سيعود الزمن إلى الوراء، وقال (آينشتاين) إن هذا مستحيل تطبيقيا وواقعيا، حتى دحض التشابك الكمي هذه الفكرة.

    اكتشف العلماء أن للإلكترون مجالا مغناطيسيا، وفسروا ذلك بأن للإلكترون شحنة، وكل شحنة تتحرك تولد حقلا مغناظيسيا، "حسب قاعدة (فليمينغ)"، والالكترون، فضلا عن دورانه حول النواة، يدور أيضا حول نفسه، وهو يولد حقلا مغناطيسيا ناتجا عن دورانه حول نفسه.

    تتناسب قيمة المجال المغناطيسي للجسم صاحب الشحنة، طردا مع سرعة حركة الجسم ومع كتلته.
    عندما تم قياس قيمة المجال المغناظيسي للإلكترون، تبين أنه للحصول على هذه القيمة، يجب أن تكون كتلة الإلكترون أكبر من كتلة الذرة، الني هو أصلا جزء صغير من بنيتها، وهذا غير منطقي، 
    أو أن الإلكترون يدور حول نفسه بسرعة أكبر من سرعة الضوء بكثير، وهذا مستحيل حسب النظرية النسبية.

    عجز العلماء عن تفسير قيمة الحقل المغناطيسي للإلكترون وخاصية دورانه حول نفسه، التي يفترض أن تكون أكبر من سرعة الضوء لإنتاج تلك القيمة للحقل المغناطيسي، لكنهم لم ينفوها، لأن تقنيات مستخدمة، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، تستند في مبدأ عملها إلى هذه الفكرة.

    أطلق العلماء حزمة الكترونات، وقسموها إلى حزمتين، فوجدوا أن الإلكترونات في إحدى الحزمتين تدور مع عقارب الساعة، وفي الحزمة الأخرى تدور عكس عقارب الساعة.
    أخذ العلماء إحدى الحزمتين الصادرتين، التي تدور عكس عقارب الساعة مثلا، وقسموها إلى حزمتين، وراقبوا حركة الإلكترونات في الحزمتين الجديدتين، فلاحظوا أنه بالرغم من أن الإلكترونات في حزمة المصدر تدور في نفس الاتجاه، لكن حين قسمناها إلى حزمتين، عادت الالكترونات في كل حزمة جديدة، لتدور حول نفسها في اتجاه معاكس لجهة دوران الإلكترونات في الحزمة الجديدة الأخرى.
    كرروا التجربة عدة مرات، وكانت تتكرر نفس النتيجة.

    تتيح التقنيات المستخدمة رصد دوران الالكترون حول نفسه إما في المحور الأفقي أو المحور الرأسي، ولا يمكن رصد حركته في كلا المحورين معا في نفس الوقت، وقد لاحظ العلماء أنهم حين يرصدون الالكترون في المحور الرأسي، كانوا يجدونه يدور حول نفسه في المستوي الرأسي، وحين يرصدونه في المحور الأفقي، كانوا يجدونه يدور في المستوي الأفقي.

    قال العلماء، إن الالكترونات في الحزمتين تدور باتجاهين متعاكسين لإلغاء الحقول المغناطيسية لبعضها البعض،
    وقالوا، بما أن الالكترون حسب ميكانيكا الكم موجود عمليا في كل مكان، وعندما نرصده، فإننا نجده في مكان معين، كذلك الأمر بالنسبة إلى دورانه حول نفسه، فإن الالكترون يدور حول نفسه في كل الاتجاهات، وحين نرصده، نجده يدور في اتجاه معين.

    هذا يعني أننا حين لا نرصده، فإنه يدور في كل الاتجاهات في نفس الوقت، مع وعكس عقارب الساعة في نفس اللحظة، في المحورين الرأسي والأفقي معا، وهو أيضا موجود وغير موجود في كل مكان، إلا حين نقوم برصده، 
    كاااش ما فهمتو 😁؟!!

    استهزأ (آينشتاين) بهذه الفكرة وقال كلمته الشهيرة:
    "إن الله لا يلعب النرد"

    لكن (هوكينغ) قال إن الله يلعب النرد، ويلقيه في مكان لا يعرف أين يكون، ولذلك لن يعرف النتيجة، بمعنى أن جميع الاحتمالات في الكون واردة، ولا يوجد شيء معد مسبقا، بل إن كل شيء في الكون يخضع لجميع الاحتمالات.

    كانت الالكترونات في كل مرة نقسم حزمتها إلى حزمتين، تدور حول نفسها في اتجاه معاكس لدوران الالكترونات حول نفسها في الحزمة الأخرى.

    افترض العلماء أن الالكترونات تدور حول نفسها في جميع الاتجاهات، وحين نقوم برصدها، فإنها تدور في اتجاه معين، وحين نرصد الالكترون في الحزمة الأخرى، يرسل الالكترون الأول رسالة إلى الالكترون في الحزمة الأخرى، يبلغه فيها باتجاه دورانه، فيدور الالكترون الآخر دائما في الاتجاه المعاكس، وهذه الرسالة تصل آنيا في نفس اللحظة مهما بعدت مسافة الالكترونين، حتى لو كانت هذه المسافة تعادل اتساع الكون كله.

    أطلقوا على هذا النوع من التواصل بين الالكترونات باسم (التشابك الكمي)، وهذا التواصل إن كان يحصل، فهو يحصل بسرعة أكبر من سرعة الضوء بملايين المرات، وذلك يناقض النظرية النسبية ل (آينشتاين)، الذي رفض فكرة تواصل التشابك الكمي للإلكترونات، وأطلق عليه اسم (التواصل الشبحي)، وفسره بطريقة أخرى، حيث قال، إن الأمر أشبه بفردتي القفاز، إحداهما يمين، والأخرى هي حتما يسار، ولو كانت الفردة اليمين في طرف الكون، فسنعلم أن الفردة الأخرى في الطرف الآخر من الكون هي فردة يسار، حتى ولو لم نذهب إليها أو نتواصل مع أحد  في الطرف الآخر، وبشكل مشابه، إذا دار الالكترون الأول مع عقارب الساعة، فإن الالكترون الآخر يحمل معلومات مسبقة عن دوران الالكترون الأول، ولذلك سيدور حتما عكس عقارب الساعة، دون أن يتواصل معه.

    لكن (جون ستيوارت بيل) دحض فكرة "التواصل الشبحي" ل (آينشتاين)، وبرهن أنه لا توجد معلومات مسبقة مع الالكترون تخص دورانه حول نفسه، وبالتالي فإن (التشابك الكمي) هو تواصل حقيقي، ويقين واقع، والالكترونات تتواصل مع بعضها بسرعات أكبر من سرعة الضوء.

    لذلك أظن أنه يمكنكم الاستعداد للسفر بالزمن إلى الوراء، فسرعة الضوء، على ما يبدو، ليست أكبر سرعة في الكون 
    شارك المقال
    عرض خاص
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع الكون-Universe .

    مقالات متعلقة

    إرسال تعليق